“لقد تم تضليلك بشأن ما يحتاجه جسمك بالفعل”، هذا ما قالته أبيجيل غرين، خبيرة التغذية البريطانية الشهيرة، في معرض تناولها للخرافات التي تُطاردنا ليل نهار على وسائل التواصل الاجتماعي حول “الأكل النظيف”، وصيحات الحمية الغذائية، وتصنيفات الأطعمة الصحية، وأهمية اللياقة البدنية، والترويج لمساحيق البروتين.

وفَجّرت غرين مفاجأة عندما أكدت لصحيفة “هافينغتون بوست” مؤخرا، أن معظم الأشياء التي تعلمناها عن الأكل الصحي والأنظمة الغذائية، “ليست صحيحة تماما”.

فإلى أكثر الأفكار الشائعة التي يجب الحذر منها..

  • تناول البروتين بلا حساب

فقد تزايدت الدعوة في عالم الصحة واللياقة البدنية إلى الإكثار من تناول البروتين، دون اهتمام بالكمية التي نحتاج لتناولها منه فعلا. لذلك، توضح غرين أن “البروتين مهم لوظيفة المناعة وتفاعلات الجسم الكيميائية التي لا يمكننا العيش بدونها”، لكن كمية البروتين التي يجب تناولها يوميا، يُحددها:

  • وزن الجسم
  • مستوى النشاط البدني

فالحد الأدنى لاستهلاك البروتين لشخص لا يمارس الرياضة بانتظام ولا يتبع نمط حياة نشط، هو 0.8 غرام، مقابل كل كيلوغرام من وزن الجسم”. على سبيل المثال، إذا كان وزن هذا الشخص 60 كيلوغراما، فسيحتاج إلى 48 غراما من البروتين يوميا.

أما الأشخاص الأكثر نشاطا والذين يواظبون على تدريبات القوة، فهم يحتاجون إلى كمية من البروتين “تتراوح بين 1.2 و 1.8 غرام يوميا”. وبالتالي سوف يحتاج شخص رياضي وزنه 60 كيلوغراما، أن يتناول من 72 إلى 108 غرامات من البروتين يوميا.

  • اعتبار كل الدهون سيئة

فقد شاع انطباع بأن جميع الدهون سيئة، وأصبح من السهل الافتراض أن أي دهون نأكلها ستكون ضارة لنا، وهو ما ترفضه غرين قائلة “إن الدهون  تحتل مكانا ضروريا في وجباتنا الغذائية، فما يقرب من 30% من إجمالي استهلاكنا للطاقة في اليوم يجب أن يأتي من الدهون”. وذلك لأن الدهون هي الأعلى في توفير الطاقة، فمقابل 4 سعرات حرارية فقط يوفرها كل غرام من الكربوهيدرات والبروتينات، يُعطي كل غرام من الدهون 9 سعرات حرارية.

كما أن الدهون ليست كلها متساوية، بحسب غرين، فالدهون المشبعة، كتلك الموجودة في الأطعمة المصنعة والمنتجات الحيوانية، مثل الجبن والزبدة والكريمة، بالإضافة إلى الشوكولاتة ورقائق البطاطس، على سبيل المثال، “هي ما يجب أن نحد منه في وجباتنا، لارتباطه بالعديد من الأمراض”.

لكن هناك “دهونا مفيدة” تقدم فوائد صحية للقلب ومضادة للالتهابات، يمكننا الحصول عليها من الأسماك الدهنية والأفوكادو والمكسرات والبذور وزيت الزيتون وغيرها.

وتوضح غرين كيفية معرفة الفرق بينهما، “فالدهون المشبعة تكون صلبة في درجة حرارة الغرفة بسبب تركيبها الكيميائي، في حين أن الدهون غير المشبعة تكون سائلة في درجة حرارة الغرفة”.

Plate of Fries and Burger
  • إشاعة أن الغذاء الصحي أكثر تكلفة

تُبدي غرين دهشتها من حملات الترويج التي توهمنا بأن الأطعمة الفائقة المعالجة أسهل وأرخص، أما الأكل الصحي فقد يكلفنا أكثر، وتؤكد أن “نفس الأموال التي ندفعها لشراء أطعمة تمنحنا المزيد من السعرات الحرارية، يمكننا أن نشتري بها طعاما ذا قيمة غذائية عالية”.

فعلى سبيل المثال، بثمن 100 غرام من الشوكولاتة، تمنحنا 160 سعرا حراريا، و 15.5 غراما سكرا، و5.9 غرامات دهون مشبعة. يمكننا شراء 100 غرام برتقالا، وسنحصل على 41 سعرا حراريا فقط، ناهيك عن الألياف والفيتامينات والمعادن. وهذا مجرد مثال على أن الغذاء الرخيص يمكن أن يوفر المزيد من الطاقة، ولكنه قد لا يكون الأفضل للصحة.

بالإضافة إلى أن بعض الأطعمة الأكثر تغذية، مثل البقول والحبوب والفواكه والخضراوات الطازجة والمجمدة، هي غالبا رخيصة وفي متناول الجميع.

  • إهمال الألياف لصالح البروتين

وذلك بالرغم من أننا يجب أن نحصل على ما يقرب من 30 غراما من الألياف يوميا، للمساعدة في هضم شيء واحد، بالإضافة إلى الدور المهم الذي تلعبه الألياف في الشعور بالشبع، بإبقائها الطعام في المعدة لفترة أطول، وهو دور مشابه لدور البروتين الذي يحفز إطلاق هرمونات الشبع.

ليس هذا فحسب، بل يمكن للألياف أن تساعد في الحفاظ على نسبة الكوليسترول الضار (إل دي إل) منخفضة، مما يقي من أمراض القلب والأوعية الدموية.

  • تكريس مصطلح “الأكل النظيف”

والأكل النظيف، مصطلح انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي خلال السنوات القليلة الماضية، ويرمز إلى بعض الأطعمة التي تُحاط بهالة صحية خاصة، “رغم أنها قد لا تكون مفيدة بشكل مُطلق”، مثل الحليب والزبادي ومنتجات الألبان قليلة الدسم، ومنتجات اللحوم النباتية، والخبز منزوع الغلوتين، والمشروبات الرياضية، وألواح البروتين.

لكن غرين تؤكد أنه “لا يوجد شيء اسمه أكل نظيف، ولا طعام خارق”، وترى أنها “مجرد مصطلحات براقة غزت ثقافتنا الغذائية، وأربكت أفكارنا الصحية تجاه تناول الطعام”.

بل وتحذر من أن يكون لهذا تأثير ضار على الصحة، يتمثل في الإصابة بشكل من أشكال اضطراب الأكل يجعل المصاب لا يتناول إلا ما يعتقد أنه “طعام نظيف”.

وأضافت أنه يمكن أن يجعل مشكلة اضطرابات الأكل أسوأ، عندما تكون غير ملحوظة وغير مشخصة، وتتحول إلى وسيلة لتبرير سلوكيات الأكل غير الطبيعية، “فعندما يسأل الشخص عن سبب اتباعه نظاما غذائيا قاسيا أو مقيدا، يسارع بقول إنه يحاول تناول طعام نظيف”.

  • كثرة الخرافات حول خسارة الوزن

تقول غرين، “بالرغم من أن العالم مليء بالأساطير المتعلقة بفقدان الوزن، مثل الاستغناء عن الكربوهيدرات وتناول وجبة واحدة فقط في اليوم”، لكنني أنسى كل هذا وألتزم بقول مايكل بولان، أستاذ العلوم والصحافة البيئية بجامعة كاليفورنيا، “إن كل ما تعلمه عن الطعام يمكن تلخيصه في هذه الكلمات: تناول الطعام (طعام حقيقي من الخضار والفواكه والحبوب الكاملة، والأسماك واللحوم)، ولكن لا تأكل كثيرا، واجعل معظم  طعامك من النباتات”.

  • التخويف من الكربوهيدرات

تقول غرين “إن الكربوهيدرات ليست عدونا بأي حال من الأحوال، فهي المصدر الأساسي للطاقة لدينا، ويكاد الدماغ يعتمد عليها بشكل حصري تقريبا”.

فقط، يفضل أن تكون الكربوهيدرات معقدة مثل الحبوب الكاملة أو الخضراوات الجذرية النشوية، “لتوفر المزيد من الألياف والشبع والطاقة طويلة الأمد”. وحذرت غرين من الأنظمة الغذائية المقيدة للكربوهيدرات قائلة، “يتجنب الناس الكربوهيدرات لاستخدام مخازن الدهون كمصدر للطاقة، دون أن يدركوا أن هذا يمكن أن يؤدي إلى مشاكل مثل تحطيم العضلات للحصول على الطاقة والدهون معا”.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version